سياحة و سفر

تسلق الجبال، مغامرة و رفاهية

5
(3)

تسلق الجبال هو عملية مثل الحياة. لا بد من دافع يدفع للوصول إلى قمة الجبل، في الطريق قد تكون هناك صعوبات و اكتشافات، و في كل ذلك تصل إلى ما وراء حدود نفسك. كيف يدعم تسلق الجبال رفاهيتنا؟ هذا المقال يوضح الأمر.

كيف يدعم تسلق الجبال رفاهيتنا ؟

تسلق الجبال عالم يجمع بين المغامرة و الرفاهية. قد نتساءل كيف لصعود الجبل أن يكون معززا لرفاهية الحياة وهو يحمل قدرا من الجهد والتعب. ذلك لأننا غالبا ما نوازي بين الراحة و الرفاهية. لكن الحقيقة أن الرفاهية تعني جودة الحياة و التي تنبني على سلامة الصحة الجسدية و النفسية و العقلية و كلها نتائج نحصل عليها بتطبيقات متنوعة و طرق مختلفة. الرياضة إحدى هذه الطرق، الفقرات الموالية تكشف دور تسلق الجبال في تعزيز الرفاهية.

تسلق الجبال، تحدي و مغامرة

تسلق الجبال هو فن و رياضة. يقوم على تسلق قمم وجدران الجبال العالية، في جميع الفصول، في التضاريس الصخرية أو الجليدية. مسجل في 2019 من طرف اليونيسكو في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية. يُعد تسلق الجبال تخصصا يُمارس في الجبال العالية، غالبا ما يكون مزودا بمعدات محددة. التسلق لا يشمل فقط الجبال، إذ يلحق به المشي لمسافات طويلة على الأنهار الجليدية. يحب المتسلقون المحترفون التحديات الأكثر صعوبة، إنها تثير اهتمامهم لأنها تحمل في طياتها روح المغامرة و هذا بالضبط ما يثير انتباه المتسلقين المحترفين، إنه التسلق الذي يحفز الرغبة و العزيمة في الإستعداد لمغامرة جديدة ليس أكثر منها مدعاة للفخر و التناغم مع الحياة مما يدعم رفاهيتها.

تسلق الجبال، تحقيق الذات

تحقيق الذات هو هدف العديد من الممارسين لتسلق الجبال. فالوصول إلى القمة هو إنجاز نبيل و هو نجاح في التغلب على الخوف من المجهول و تجاوز المصاعب. إن المخاطر المحتملة هي أكبر محفز لتنشيط الإدراك الذاتي الذي يدعم نجاع عبور الجبل. إن هذه القوة الداخلية المستفادة من تسلق الجبل هي الملهم الأكبر لكثير من المهتمين بتسلق الجبال. إنها المكافأة بعد الإنجاز. و إنه شعور عميق بالرفاهية.

تسلق الجبال: مرجعية جمالية

تسلق الجبال هو ممارسة ذو طبيعة رياضية، هدفه هو تحقيق صعود و هبوط ناجح في الجبال العالية، بطرق مختلفة و بمستويات متفاوتة في الصعوبة. و لكن أيضا هو تناغم مع الوجود. فالخلفية الجمالية تسكن في روح الممارس لهذه الرياضة . التأمل قيمة روحية في تسلق الجبال، الإعجاب بالطبيعة و تقدير الجمال الطبيعي كلها خلفيات تحملها عقلية الممارس لتسلق الجبال. هذه الخلفيات تكرس الرفاهية التي تمدنا بإحساس السلام و السعادة.

قواعد و شروط

تسلق الجبال رياضة مرتبطة بالطبيعة و لكن أيضا بقواعد أخرى. هذه القواعد و الشروط حددتها الممارسات القديمة و الجديدة لتسلق الجبال و صارت ثقافة مشتركة تجمع بين عدة معارف، إن القيمة الأساسية في جميع أنواع المعرفة التي يتطلبها تسلق الجبال هو الدقة. فالمعرفة الدقيقة و المعلومات المحددة في كل ما يخص هذه الرياضة مطلوبة أساسا. المغامرة لوحدها لا تكفي، فهي لست الهدف الوحيد. فلكي تنجح هذه المغامرة لابد قبل كل شئ أن تتوفر شروط مهمة من دونها تصبح هذه المغامرة غير منصوح بها. أول هذه الشروط أو القواعد:

  • القدرات البدنية: لا يتسلق الجبال من تنقصه هذه القدرة، و إن كنت من الحالمين بتحقيق هذه الرغبة فعليك الإستعداد بتنمية قدراتك البدنية، عبر ممارسة الرياضة، و القيام بتداريب خاصة بتسلق الجبال. لأن التسلق ليس هو المشي على أرض منبسطة.
  • القدرات الفنية: تسلق الجبال يستدعي توفر القدرات الفنية لدى المتسلق. من الأساسي التوفر على أجهزة خاصة بالتسلق و أدوات الدعم أثناء التسلق، و على ملابس و خوذة وكل ما يخدم سلامة المتسلق. إن هذه التقنيات والمعدات و الأدوات المحددة مثل محاور الجليد والأربطة، وسائل مهمة و تدخل في قواعد و شروط تسلق الجبال.
  • القدرات الفكرية: تسلق الجبال ليست رياضة عشوائية و ليست فنا عاطفيا، لابد للممارس أن تكون لدية معرفة و دراية بعالم الجبال و أن تكون لديه معلومات محددة تخدم سلامته الشخصية في مواقف قد تكون سلبية، حيث يحتاج إلى القدرة الفكرية لاتخاذ القرار و الإختيار المناسب. هذه التقنيات و المعلومات الدقيقة تساعد المتسلق بمعرفة بيئة الجبال العالية، بفهم المخاطر الكامنة في نسب الإرتفاع، و البيئة التي قد تصير معادية حسب الزمن و تغير التضاريس و المناخ و الأخطار الطبيعية. فتسلق قمة إفرست مثلا لا يكفي التمتع بالقدرةالبدنية، بل إن القدرة الفكرية شيئ بالغ الأهمية.
  • المبادئ الأخلاقية: إن عقلية متسلقي الجبال تؤمن بالإلتزامات الأخلاقية المتعارف عليها في هذه الرياضة، مثل: عدم ترك أي أثر في الخلف، لا بد أن تظل الطبيعة كما هي دون أن تحمل أثر مرور المتسلق. روح الفريق هي من القيم الأخلاقية لدى متسلقي الجبال الذين يؤمنون بقيمة مساعدة الممارسين الآخرين.

فوائد تسلق الجبال

تسلق الجبال يمنح للإنسان إحساس بالعظمة و بالجمال. إنه مغامرة في الطبيعة و في الروح الإنسانية. يضع الممارس أقصى قدراته على أرض الواقع، يكتشف نفسه و يتعرف على ذاته في أرقى صورها. تسلق الجبال هو أيضا استكشاف لثروات الطبيعة، وهو:

  • يحسن قدرتنا على التحمل: التمارين و المشي لهما تأثير في تحسين الحالة البدنية. يصير الجسم أكثر مقاومة للتعب و الألم.
  • يقلل من التوتر: ينتج جسمنا المزيد من النورإبينفرين ، وهو الهرمون الذي يحارب الإجهاد.
  • يحسن وظائف الدماغ: الممارس لا يمشي فقط بل يفكر في أفضل استراتيجية للوصول إلى القمة، و طرق اكتشاف المخاطر خصوصا في الثلج. كل ذلك يطور من الصحة العقلية.
  • تحفيز الإحساس بالمسؤولية: التداريب أو تجربة الصعود الكبير للجبال يدعم الإحساس بتحمل المسؤولية مما يجعلنا أكثر استقلالية.
  • يخفف من الاضطرابات: مثل تشتت الإنتباه، حيث أن قضاء وقت مهم في الطبيعة يدعم التركيز و يحفز الإنتباه. كما أنه يصحح فقدان الذاكرة الخفيف.

مخاطر تسلق الجبال

قد يتعرض متسلق الجبال لمخاطر كثيرة أكثرها شيوعا: داء المرتفعات الحاد. يظهر من ارتفاع 2000 متر فوق مستوى سطح البحر. سببه انخفاض كمية الأكسجين في الغلاف الجوي. ينتج عنه صداع، دوخة ، إرهاق شديد وضيق في التنفس. في الغالب ترتبط الإصابات الخطيرة بسقوط الصخور، و بالكسور والإلتواءات وإصابات الرأس.

نوادي تسلق الجبال

معظم من يمارسون تسلق الجبال ينتمون لنوادي مهتمة بهذه الرياضة، إن التسلق رياضة جماعية تمارس ضمن فريق ومع مرشد. تنظم هذه الأندية رحلات جماعية عبر الجبال، و توفر معلومات عملية تساهم في نشر ثقافة التسلق. قبل أن يتجه المتسلق إلى الجبال يكون أولا قد مر بمراحل أولية:

  • المشي لمسافات طويلة في تضاريس منبسطة ومنخفضة و مرتفعة.
  • تعلم تقنيات الصعود و الهبوط من قمم الجبال.
  • التدرب على الإنقاذ.
  • التدرب على استخام المعدات و عقد الحبل.
  • التعرف على علم المناخ و الثلج.
  • التدرب على مقاومة البرد.
  • اكتساب ملكات الذكاء و الذوق.

شارك المقال، اشترك في نشرتنا الإخبارية ليصلك جديدنا

ما مدى فائدة هذا المقال؟

انقر على نجمة لتقييمها!

متوسط ​​تقييم 5 / 5. عدد الأصوات: 3

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يضع تقييم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى