منوعات
مقال متميز

ماذا تعرف عن السنة الأمازيغية

4.6
(9)

في كل مطلع يناير، تبدأ الإستعدادات في المغرب للإحتفال بالسنة الأمازيغية. إنها سنة موجودة في قلب حوض البحر الأبيض المتوسط ​​منذ أقدم العصور. إننا الآن في سنة 2973 للتقويم الأمازيغي، كل هذا الزمن! أجل. دعنا إذن نأخذك في رحلة مثيرة عن أقدم تقويم تاريخي في العالم. حكاية كما لم تعرفها من قبل!

هل تعرف أقدم احتفال في المغرب؟

تحب الشعوب تاريخها. المغاربة ككل الشعوب القديمة يتميزون بحضارة قديمة جدا، هي ما تمنحهم هذه الخصوصيات التي ينفردون بها عن غيرهم. فرغم أن المغرب متعدد الروافد إلا أنها روافد مترابطة جدا لسبب بسيط، كونها متشبعة بهوية الجغرافية المغربية. لهذا لا يشعر المرء باختلاف بينها. إنها ثقافة مغربية متنوعة التعابير و جوهرها الأساسي هو الأرض الأمازيغية المتجذرة في التربة الأفريقية لشمال أفريقيا. يحتفظ المغاربة باعتزاز كبير بتراث غني جدا يعود تاريخه إلى أعماق القرون. توارثوه أبا عن جد، وترسخ في ذاكرتهم الشعبية و تجلى في طقوس و احتفالات في نفس اليوم و في جميع مناطق المغرب، إن السنة الأمازيغية هي أقدم احتفال توارثه المغاربة دون انقطاع طوال العصور القديمة إلى اليوم. السنة ﺍﻻﻣﺎﺯﻳﻐية ﻫﻲ ﺛﺎﻧﻲ أﻗﺪﻡ تقويم ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ. ولها أسماء خاصة بها. فهي إيض يناير، ليلة يناير، وهي السنة الفلاحية. وهي حاكوزة، في جميع جهات المغرب يتم الإحتفال بها بنفس الفرح و التقدير. وهي مختلفة عن السنوات الأخرى، كرأس السنة الميلادية و السنة الهجرية والعبرية. الفقرات الموالية ستوضح لنا أكثر خصوصية السنة الأمازيغية.

ماهي اللحظة التي أسست للسنة الأمازيغية؟

السنة الأمازيغية هي أقدم احتفال توارثه المغاربة دون انقطاع

قد تكون لحظة ميلاد! لا. ربما حدث ديني! ولا هذا أيضا. المميز في السنة الأمازيغية و الذي يشكل الفرق بينها و سنوات الشعوب الأخرى، أنها لا تتعلق بأحداث دينية، ولا ترتبط بحدث عقائدي كمولد النبي عيسى عليه الصلاة و السلام بالنسبة للسنة الميلادية، وبهجرة الرسول محمد عليه الصلاة و السلام بالنسبة للسنة الهجرية. إن التاريخ الأمازيغي هو أقدم من مرحلة الملك شيشنق، تماما كما هي أروبا أقدم من ميلاد المسيح، لكن من عادة الشعوب أن تؤرخ لنفسها بالحدث الأكثر تأثيرا في تاريخها، بالنسبة للأمازيغ كان لٱعتلاء الملك شيشنق عرش مصر مرحلة خاصة في التاريخ الأمازيغي حيث تم إنهاء سلسلة طويلة من الحروب مع الفراعنة تخللتها مراحل سلم و حسن جوار، لهذا تختلف السنة الأمازيغية عن السنوات المسيحية والإسلامية بكونها ترتبط بحدث تاريخي يتمثل في انتصار الملك الأمازيغي ﺷﻴﺸﻨﻕ ﻋﻠﻰ ﻔﺮﻋﻮﻥ مصر ﺭﻣﺴﻴﺲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺳﻨﺔ 950 ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ. بسبب ذاك الإنتصار ﺍﻋﺘﻠﻰ الملك ﺷﻴﺸﻨﻕ ﻋﺮﺵ ﺍﻟﻔﺮﺍﻋﻨﺔ، ﻭﺣﻜﻢ ﺍلأﺳﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﺍﺳﺘﻤﺮ ﺣﻜﻢ ﺍلأﻣﺎﺯﻳﻎ على ﻤﺼﺮ إﻟﻰ ﺣﺪﻭﺩ ﺍلأﺳﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. إن السنة الامازيغية تؤرخ لهيبة شمال أفريقيا و شعبها الأمازيغي في القرون القديمة جدا، فهي رمز يحمل دلالة تاريخية عالية. لعلكم تسألون لماذا و كيف حصلت كل تلك الأحداث. سنكتشف معا كل ذلك في الفقرات الموالية.

أصل الحكاية

من المهم أن نعرف أن المصريين وثقوا للأحداث التي دارت بينهم و جيرانهم الليبو ـ الأمازيغ، يقول الباحث في التاريخ المغربي الأستاذ محفوظ أسمهري: ” المعالم الكبرى لصورة “الليبيين” ترصد في الوثائق الفرعونية، سواء تعلق الأمر بالإيكونوغرافية منها أو بالمصادر المكتوبة. يأتي على رأسها الرسوم والنقوش الجدارية التي زينت بها واجهات وقاعات البنايات العمومية خاصة المعابد، والمقابر والوثائق الإدارية، والنقائش التشريفية و التماثيل”. إضافة إلى ذلك فإن أقدم النصوص الأولى للهيلوغريفية تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد، و هي تؤكد بهجوم الأمازيغ على دلتا نهر النيل، وأن جميع ملوك الفراعنة حاربوا الأمازيغ إلى غاية الأسرة الواحدة والعشرين أي حتى انتصار الملك شيشنق في 950 سنة قبل الميلاد.
ولكن، لماذا كان ذاك الهجوم؟. ذلك ما سنكتشفه بعد ثواني في فقرة “ما هي القصة بين الأمازيغ و الفراعنة؟”. أما الآن، فلنتعرف على هذه الشخصية القوية “الملك شيشنق”.

من هو الملك شيشنق؟

ينحدر الملك الأمازيغي شيشنق من قبائل المشوش، تسمى أيضا المشاووش، المازيس أو المازوس الليبية غرب النيل. بالنسبة للمؤرخ اليوناني هيرودوت فالمشوش قبائل أمازيغية تسكن غرب نهر تريتونيس بتونس، وقد انتقلوا عبر فترات إلى الدلتا على الحدود الليبية المصرية. يقول هيرودوت في “تاريخ هيرودوت” ص 369، ترجمة عبد الإله الملاح: ” لقد ذكرت الليبيين الذين أحطت بأسمائهم كافة ومعظم هؤلاء لا يأبهون بمُلك فارس ولا كانوا يحفلون به في الماضي، ولعلي أضيف فأقول في أمر هذا الصقع أنه مسكون من أربعة أقوام لا خامس لها، فالسكان الأصليون فيه هم الليبيون والإثيوبيون. والليبيون يسكنون البقاع الشمالية من البلاد بينما يسكن الإثيوبيون جنوبها، وأما الوافدون فهم الفينيقيون والإغريق”. في كتاب صورة الأمازيغ في الكتابات الوطنية و الأجنبية، يقول الباحث في التاريخ المغربي الدكتور محفوظ أسمهري: ” المصادر الفرعونية تسمح بالقول أن المصريين كانوا خلال الألف الثاني قبل الميلاد ينظرون إلى جيرانهم الغربيين وكأنهم مجموعة بشرية واحدة”. فالليبو، الليبيين هم شعب شمال أفريقيا غرب النيل إلى المحيط الأطلسي و هو نفسه كلام هيرودوت. إن قصة الملك شيشنق فريدة من نوعها، و هي لا تختلف في جوهرها عن قصة البقاء عند مواجهة التحديات الكبرى. أهم تحدي واجهه الملك شيشنق هو محاولة الفراعنة إخضاع أمازيغ الدلتا و التوسع غرب النيل. إنه الحدث الذي تدور حوله قصة الملك شيشنق و التي تحكيها نقائش معابد الكرنك في مصر، و برديات و كتاب موسوعة مصر القديمة خاصة الجزء التاسع. و قبل أن نفهم هذه التحديات الكبيرة، إليكم نبذة عن الملك شيشنق كما كتبها أحد ورثثه الكاهن “حور باسن”.

وثيقة “حور باسن”

وثيقة حور باسن

تعتبر وثيقة “حور باسن” أهم الوثائق التي أوردت النسب العائلي للأسرة الأمازيغية ـ الليبية، و “حور باسن” هو أحد أعضاء الأسرة المالكة و حفيد الملك شيشنق، و الذي نقش هذه النقيشة التي تمثل الشجرة العائلية للملك شيشنق. هذه الوثيقة من الحجر الجيري ترجع لعصر الملك شيشنق الخامس من الأسرة المصرية الـ22 وتحديداً للسنة الـ37 من حكمه، و هي توجد في متحف اللوفر في فرنسا. عُثر على وثيقة “حور باسن” في السربيوم وهي مدافن العجل أبيس في منطقة منف، وقد أقامها “حور باسن” الكاهن الأعظم للإله حرسافيس لمدينة أهناسيا في السنة السابعة والثلاثين من حكم الفرعون شيشنق الرابع، أي عند نهاية الأسرة الثانية والعشرين بمناسبة دفن عجل أبيس.
تقول وثيقة “حور باسن”: “حور باسن، بن حميتاح، بن حور باسن، بن حمبتاح، بن وز بتاح عنخ، بن أوسركون الثاني، بن تاكيلوت الأول، بن أوسركون الأول، بن الفرعون شيشنق”.

ما هي القصة بين الأمازيغ و الفراعنة؟

كانت للمواقف المصرية تجاه أمازيغ غرب الدلتا دافعا رئيسيا لدخول الملك شيشنق على مصر، و قد كانت هذه المواقف قديمة قبل المعركة الشهيرة بين رمسيس الثالث و الملك الأمازيغي شيشنق. لقد أرخت الوثائق المصرية لمعارك بين المصريين وأمازيغ غرب الدلتا لأربعة آلاف سنة ق.م، أقدم هذه اللوحات هي المعروفة بصلاية الأسد والعقبان، و الصلاية هي لوحة حجرية تصبغ بالكحل. و وثائق أخرى نتعرف عليها في الفقرات الموالية.

صلاية الأسد والعقبان

لوحة الأسد والعقبان التي يظهر فيها الجنود الليبيون يفترسهم الأسد الذي يرمز للملك المصري وتأكلهم العقبان الذين يرمزون للجنود المصريين، والأسرى مقيدة أيديهم وراء ظهورهم، وصقر يقف على رمز الإله حورس وهو يقودهم في حفل كبير. من خلال الهيئة التي ظهر عليها الأسرى يعتبر الباحثون أنها هيأة الليبيين الذين كانوا يتميزون عن باقي الأجانب باللحى الطويلة. وهي نفسها الهيأة التي ظهر فيها الليبيون في لوحة أخرى معروضة في المتحف البريطاني والتي تسمى “لوحة الصيادين” الثي تعود إلى 3100سنة ق.م. يعرف الأمازيغ في النقوش الفرعونية بالرجال الملتحين الذين يضعون ريشتين على رؤوسهم ويلبسون لباسا عاري الكتف اليسرى. هذه اللوحات تؤرخ للوجود الليبي في الدلتا و أنهم كانوا بعدد كبير ويعيشون في المنطقة منذ زمن طويل ويمارسون حياة اقتصادية واجتماعية خاصة بهم، في هذه الفترة كان المصريون يسمون الأمازيغ بشعب التحنو. عبر هذه الصلاية نفهم الأسباب التي ستؤدي فيما بعد بالقائد شيشنق الأمازيغي أن يستولي على حكم مصر.

بردية هاريس الكبرى

بردية هاريس الكبرى

تسمى أيضا بردية هاريس الأولى. البردية موجودة في متحف القاهرة بالخط الهيروغليفي ومترجمة للإنجليزية. هذا الورق البردي طوله 42 مترا وعرضه أكثر من 40 سنتمتر. كتبت في عهد الفرعون رمسيس الثالث قبل حكم شيشنق. هذه الوثيقة من ورق البردي تقول أنه في زمن رمسيس الثالث حدث هجوم قبائل الليبو على منطقة نهر الدلتا، وتذكر البردية سبب الهجوم وهو: رغبة الفرعون رمسيس الثالث فرض ملكه على الليبيين في الدلتا أو طردهم بعد تحالفهم مع شعوب البحر الأبيض المتوسط الذين ساعدوهم في حروبهم مع المصريين.
هذه الوثيقة تؤرخ لحقيقة المناوشات و المعارك التي دارت بين الأمازيغ و المصريين وأنها كانت بسبب رغبة الفرعون آنذاك إخضاع القبائل الأمازيغية في الدلتا لحكمه. استمرت تلك الحرب إلى وفاة رمسيس الثالث حيث سيطر الأمازيغ على مدينة ممفيس وعلى مناصب الكهنة إلى حدود سنة 950ق.م، حين أسس الملك شيشنق في ممفيس أول مملكة أمازيغية في مصر.

نقش الملك مرنبتاح

لوحة مرنبتاح

نقش على جدار الكرنك يسمى “نقش الملك مرنبتاح “، إنها لوحة سميكة من حجر الكرانيت تخلد انتصار الملك أمنحتب الثالث على الليبيين وحلفائهم سنينا قبل حكم الملك مرنتباح الذي خلدها تمجيدا للملك أمنحتب الثالث. يحكي النقش الخطر الذي كان يحوم حول البلاد و كيف أعد الخطط لإفشال الليبيين في هذه المعارك. في مقطع من اللوحة يُرى مرنبتاح يستقبل السيف المقوس «شيبش» من أمون رع، وتتبعه الآلهة موت. في الكتابة على هذا المشهد يقول آمون رع: “خذ سيف الشبش لكي تنتصر على جميع بلاد الغرباء”.

ملاحظة: الملك مرنبتاح هو ابن الملك رمسيس الثاني، (كل الفراعنة الملقبين برمسيس أو رعمسيس هم سلالة ملوك الرعامسة)

موسوعة مصر القديمة

موسوعة مصر القديمة هي موسوعة تاريخية ضخمة، من تأليف عالم الآثار المصري الرائد الدكتور سليم حسن. في الجزء التاسع تتحدث الموسوعة المصرية عن الأسرة الأمازيغية التي حكمت مصر. حسب هذه الموسوعة فالليبوا (الأمازيغ) زمن رمسيس الثالث كانو يمثلون الأغلبية من سكان الدلتا غرب النيل. تقول موسوعة مصر القديمة موضحة أسباب الهجومات المتكررة بين الأمازيغ و المصريين: ” الواقع أن السنين الأخيرة من عهد رعمسيس الثاني كانت سنى تدهور مستمر، فقد انتهزت القبائل القاطنة على حدود مصر الغربية تلك الفرصة و أخذ جنودها يزحفون على الأرض الواقعة على حافة النيل الخصيب حتى وصلوا في زحفهم إلى جانب النيل(…) وقد زاد الطين بلة أن هؤلاء الليبيين قد ألفوا حلفا مع أقوام البحر الأبيض المتوسط الذين أخذوا ينقضون على الدلتا من سردينيا وفي الجهات الغربية من آسيا الصغرى على الشرق”.

وفي فقرات أخرى تقول موسوعة مصر القديمة : ” فأخذ رعمسيس الثالث للأمر أهبته، وتقابل مع اللوبيين والمشوش في مواقع طاحنة انتهت بفوز مصر ورد الأعداء على أعقابهم مؤقتا”.
تكررت الهجومات على غرب مصر مع الأمازيغ بشكل كبير في زمن رمسيس الثاني و زمن ابنه مرنبتاح، و استمرت زمن رمسيس الثالث و ظهرت قبائل المشوش أو المازيس كقاعدة المواجهة المباشرة مع الفرعون. كما كانت حروب المصريين مفتوحة على عدة جبهات في الشرق والغرب ضد شعوب البحر من ناحية، وضد عناصر المشوش الليبيين من ناحية أخرى، نتج عن كل هذه العوامل إنهاك للإقتصاد المصري، وضعف الجيش المصري مما أدى إلى تدهور كبير للفرعون رمسيس الثالث، و قد كانت و قبل آخر هذه المعارك قد تولى عناصر المشوش مناصب مهمة في المعابد المصرية التي لعبت دورا مهما في ما بعد في مساعدة الملك شيشنق في الحصول على لقب الفرعون بعد أن كان يلقب بالملك لعشر سنوات. لقد كانت أزمنة رمسيس الأول و الثاني أكثر الأزمنة التي شنت فيها مصر حروبا على غرب الدلتا. مع المعركة النهائية تنتهي الحروب بين مصر و الليبيين و تبدأ قصة الأسرة الأمازيغية. تولى الأمازيغ عرش مصر ما يقرب من قرنين وربع من الزمن. وقد اصطلح علماء المصريات على هذه المرحلة بفترة الحكم الليبي (715 ـ 945 ق.م).

الفرعون شيشنق

قناع جنائزي ذهبي لشيشنق الثاني، حفيد الملك شيشنق الأول

بفضل الإتصال الوثيق بين الأمازيغ و المصريين، لم يعتمدوا في استيطانهم أرض مصر على الحرب فحسب، فبحكم القوة العسكرية التي كانوا يتصفون بها فقد أصبح معظم جيش الفرعون يتألف من الجنود الليبيين، وكان الكثير منهم قد نفذ في البلاد بطرق سلمية، و كل هذا سهل الأمر على الملك شيشنق بعد هجومات الفرعون رمسيس الثالث و تدهور مصر في زمنه و تفشي الفساد المالي، لقد حاول رمسيس الثالث إصلاح البلاد لكنها كانت قد وصلت إلى مستوى من الضعف لمجمل العوامل المذكورة. مع اعتلاء شيشنق عرش مصر توقفت و للأبد الهجومات المصرية على غرب النيل. عن زمن الملك شيشنق تقول موسوعة مصر القديمة، ص9 : ” حكم البلاد في هدوء وسكينة. وكان جل همه أن يعيد إلى مصر قوتها و وحدتها ويسترجع لها عظمتها ومجدها الإمبراطوري في الخارج، كما فعل ملوك المماليك. وكان له بعض ما أراد. فقد قام في بادىء الأمر ببناء ما تهدم من المعابد و إعادة أوقافها والقضاء على الفوضى و إرجاع الأملاك إلى ذويها. وبعد ذلك عمل على توحيد البلاد ثانية، و اتبع في ذلك سياسة حكيمة لم تلتجأ الى القوة”.

إيض يناير: إحتفال مغربي و مغاربي

إيض ينايرـ تأريخ ذو رمزية عالية

ﺷﻌﻮﺏ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺗﺤﺘﻔﻞ ﺑﻬﺬه السنة الأمازيغية، ﺳواء ﺍلناطقين بالأمازيغية و غير الناطقين. سواء في اﻟﻘﺮﻯ أﻭ في المدن. مظاهر البهجة تعم الجميع وبأي إسم سميت بها هذه السنة، ففي المغرب للسنة الأمازيغية أسماء أخرى مثل: حاكوزة، إيض يناير أو ليلة يناير، السنة الفلاحية، أما في الأوراس بالجزائر فتسمى “سنة فرعون”. تحتفل ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺎ في نفس الأيام بالأم الأرض، بهيبتها وسيادتها، بحبوبها و ثمارها، بينابيعها و جبالها. يستغرق الإحتفال أياما، وهذا شئ آخر يميز السنة الأمازيغية عن غيرها. حيث تدوم الإحتفالات أسبوعا.

كيف يحتفل المغاربة بالسنة الأمازيغية؟

ترتبط السنة الأمازيغية بحضارة قديمة، لديها وجودها المتميز و الذي يظهر في إنتاجها الفكري، الجغرافي، الثقافي، اللغوي، المعماري، الحرفي، ولديها تقاليد غنية جدا في المطبخ، الملبس و الزينة، و غيرها من مظاهر التراث الحضاري الأمازيغي. الإحتفال يشمل كل هذه المظاهر. لذا ﻳﺤﺘﻔﻞ ﺍلمغاربة ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑطريقة خاصة تليق بأهمية المناسبة.
طيلة أيام تعد العائلات في المدن و القرى ﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟوجبات التقليدية من المطبخ الأمازيغي القديم، توضع الوجبات على أطباق و أواني خزفية احتفاء بالصناعة التقليدية و الحرف القديمة. ترافق هذه الإحتفالات إلى جانب تقاليد المطبخ الأمازيغي رقصات و أغاني تقليدية من التراث الموسيقي الشعبي الأمازيغي. و طبعا تكون الملابس و الأزياء الأمازيغية التقليدية حاضرة بقوة، حيث يحرص الرجال و النساء و الأطفال على لبس أزهى الألوان و أجمل الملابس التقليدية التي يتم إعدادها أياما قبل موعد الإحتفال.

تاڭولا وجبة الحظ في رأس السنة الأمازيغية

تبتدئ طقوس السنة الأمازيغية بتقديم الشاي، و طبق الفواكه المجففة، و طبق الزميطة، و هي أكلة أمازيغية قديمة تتكون من دقيق الشعير المحمر، وزبدة، وبعض الأعشاب المنسمة، تزين الزميطة بحلويات ملونة و قطع البيض، في النهاية تأخذ شكلا مزخرفا جميلا يبعث على السرور. إن طقوس الإحتفال ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺤﺴﺐ ﺍﻟجهات في المغرب، وحسب نوع المزروعات و الثمار الشائعة في تلك الجهات. فهناك من يعد أطباق عصيدة الذرى احتفاء بالحبوب الغالبة في منطقته. و هناك من يعد الرفيسة بلحم الديك كما في منطقة دكالة و الشاوية، و هناك من يحتفل بطبق السمك أو عصيدة في طبق طيني كما في الجهة الشمالية للمملكة، لكن الجميع باختلاف نوعية محاصيل المناطق يحتفي بالسنة الأمازيغية بإعداد طبق الكسكس الأمازيغي القديم، الذي لا يغيب عن السنة الأمازيغية، فهو ملك المطبخ المغربي و عنوان تميزه بالإضافة إلى رفيقه في التاريخ الطاجين اللذيذ. تنتهي حفلة السنة الأمازيغية بعصيدة الشعير المرفوقة بزيت الأركان الفاخرة، أو بزيت الزيتون، تسمى هذه العصيدة “تاڭولا” وهي وجبة الحظ في رأس السنة الأمازيغية. في بطن “تاڭولا” تختفي نواة ثمر، من وجدها يكون سعيد الحظ تلك السنة، ويلقب بعريس أو عروس ليلة يناير.

السنة الأمازيغية: احتفال بشعب قديم

السنة الأمازيغية أو إيض يناير، هو احتفال بكل ما يرمز لعراقة الحضارة الأمازيغية، يتم استحضار مظاهر الثقافة المادية و اللامادية و الإحتفاء بها كقيمة حضارية تميز خصوصية الأمازيغ بين الشعوب. تتسامر الأسر طيلة رأس السنة الأمازيغية التي تصادف في المغرب يوم 13 يناير من كل سنة. يجلس الصغار و الكبار يتحدثون عن التاريخ و يحكون حكايات عن ملوك قدماء، و يستمعون لحكايات و أساطير أمازيغية قديمة من الأمهات و الجدات، ويلعبون الألعاب القديمة. السنة الأمازيغية هي قصة انتماء و حب و وفاء لهذا الإنتماء. لهذا هي بهذه الفرادة في المغرب وفي كامل الدول المغاربية. إننا سعداء بمشاركتكم جزء من هذه الثقافة الحضارية المجيدة. لقد تعرفتم على هذه الهوية المخفية منذ زمن طويل، لكنها في قلب المغرب الكبير تسكن.

شارك المقال. و احتفل أنت أيضا!

تعرف على:
أشهر الحكايات و الأساطير الأمازيغية
أجمل الملابس الأمازيغية
أفضل طريقة لطجين مغربي ناجح
أحاندرا: النسيج الأمازيغي

ما مدى فائدة هذا المقال؟

انقر على نجمة لتقييمها!

متوسط ​​تقييم 4.6 / 5. عدد الأصوات: 9

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يضع تقييم.

خديجة يكن

قصاصة وروائية. كاتبة مقالات. مغربية أبدية، حالمة أبدية، أشارككم أفضل ٱكتشافاتي في مختلف المجالات الخاصة بالمغرب. بفضل هذا الموقع يمكنك أن تجد مقالات مثل الخطط الجيدة. تابعني في شغفي!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى